Advertisement

ألف سنة!





في ليلة من الليالي، رأي أحد الحكام القدماء في أثناء نومه أنه يمشي في بستان كثير الشجر، وبوغت
بشجرة ضخمة تهوي عليه وتقتله، فاستيقظ من نومه مرعوباً، واستدعي ثلاثة من كبار منجميه، وروي
لهم حلمه، وطالبهم بتفسيره التفسير الصحيح.
قال المنجم الأول: ستتكاثر غاباتك، وتزداد أرباح بلادك من بيع الخشب للدول الأجنبية .
وقال المنجم الثاني: لا بد من أن أحد أعدائك استخدم سحراً ضدك، ودفنه تحت شجرة، ولا بد من البحث
عنه والعثور عليه وإتلافه .
وقال المنجم الثالث: هذا حلم ليس صعب التفسير، فهو رسالة تحذير وتنبيه يقول فيها ما يريده بوضوح تام
وبلا أي غموض .
فقال الحاكم للمنجم الثالث متسائلاً بصوت غاضب: وما الذي يقوله؟ .
قال المنجم: يقول إن وفاة سيدنا الحاكم سيكون سببها شجرة من الأشجار .
فصمت الحاكم مفكراً وقد بدا عليه كأنه صدق تفسير المنجم الثالث، وعندما تكلم أمر بقطع كلّ الأشجار في
بلاده، فنُفذ أمره فوراً، وقُطعت الأشجار كافة، ولم يعد في كل البلاد التي يحكمها أية شجرة، وفقدت الطيور
أعشاشها، واضطرت إلي الهجرة والبحث عن وطن آخر.
وفي ليلة أخري، رأي الحاكم في أثناء نومه أنه في بستان بغير شجر، ويمشي علي ضفة نهر، فزلت قدمه،
وسقط في النهر، وتجمع الناس علي ضفتي النهر يتفرجون علي الحاكم وهو يغرق، ولم يحاول أي واحد
منهم إنقاذه، فأفاق الحاكم من نومه متعكر المزاج غاضباً، وطلب المنجم الذي يثق به وبصدق تفسيراته،
وحكي له عن حلمه، فشحب وجه المنجم، وقال للحاكم بصوت مذعور آسف: سيتعرض سيدنا الحاكم في
يوم آتٍ للغرق في نهر .
فقال الحاكم بصوت واثق: ولكني لن أغرق في أي نهر إذا صارت بلادي بغير أنهار .
وأمر الحاكم بإلغاء كلّ الأنهار في بلاده وبناء المزيد من السجون لمعاقبة مواطنيه العاقين، وجلس علي
كرسي الحكم مطمئناً غير مبال ببلاده التي صارت بعد سنوات أشبه بصحراء جرداء، وعاش ألف سنة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More